Posts Tagged ‘مموزين، احمد الخاني، ملحمة كردية، رمضان البوطي،دار الفكر’

ممو زين…أسطورة الحب

السبت, ديسمبر 20th, 2008

mamozain

العنوان: ممو زين
المؤلف: أحمد الخاني
نقلها إلى العربية : الشيخ رمضان البوطي
عدد الصفحات: 200صفحة
دار النشر: دار الفكر – دمشق


تبدو رواية ممو زين كجوهرةٍ ثمينة، قطعة أثرية، تُفقد العقول لُبها وتدعوها للجلوس والتأمل، التأمل فقط.

التعابير والتشابيه، قوة السبك والحياكه، جميعها هذه تجعلك معجب بأحمد الخاني والبوطي على حد سواء ..


تلخيص أحداث القصة… تحديث

تروي الملحمة قصة محبوبين جمعتهما أشدّ القصص غرابةً، الأميرة زين تنكرت بهيئة الرجال مع أختها ستي بحثاً عن الرجل الذي يليق بهما أدباً وجمالاً، وخرجتا في يوم الربيع (النيروز) وفي نهايته رأيتا جاريتان جميلتان جداً وما إن رأتاهما حتى أغشيا عليهما، فرّق قلب الاميريتن لهما وأبدلت خاتميهما بآخرين يعودان إليهما، علّ وعسى يلتقيا يوماً ما، وعادتا إلى القصر ولكن شعوراً غريباً بدأ  يختلج قلبيهما لم يعرفا له سبباً، وكذلك هما الجارتين اللتين هما في الحقيقة رجلان اسمهما ممو وتاج الدين ولم يُكشف هذا السبب ويُعرف حتى اليوم الذي دخلت فيه عجوز كبيرة من القصر على زين وستي ورأتهما في حالتهما الصعبة من شردو وتفكير في ذلك اليوم، فقامت بكشف الأمر بذكائها وحيلتها.


تزوج تاج الدين، ستي في زفاف جميلٍِ ورائعٍ جداً يفوق الوصف، واكتملت سعادتهما، ولكن سعادة زين وممو توقفت وتحولت إلى شقاء وهم بعد أن  بدأ بكر الكاذب المنافق حاجب الأمير زين الدين بتلفيق الأكاذيب والقصص حولهما.

فقرر الأخ أن يحرمها من الزواج حتى لو كان ممو آخر الرجال في الأرض. تسير الأقاويل بحبهما ولوعتهما وعشقهما، يتضايق الأمير زين الدين فيأمر بسجن العاشق مم فيموت مسلولاً ومسجوناً.


ويدفن الحبيبان معاً في التراب تنفيذا لوصية زين بعد أن رق قلب أخوها لحالها وقرر أن يزوجهما لكن بعد فوات الأوان ويُدفن تحت قدميهما بكر بعد أن قتله تاج الدين في ثورة غضب عارمة ..!!


وهكذا نما هذا الحبُّ عظيم، الحبُّ  الذي لم يُكتب له إلا الشقاء والتعاسة في الدنيا، حبٌّ وقفت الفتنة والكذب في وجهه كجدار ٍ لا يخترقه إلا الموت فأصبح  أجمل قصة حب نبت في الأرض وأينع في السماء.


لكن لي رأي خاص في مضي الأحداث فيها …


في القصة يرفض أخ زين وهو الأمير -زين الدين- إعطاء الأميرة- زين -لممو بسبب ما سمعه من الحاجب بكر، استغرب كيف يروي الكاتب بأن الأمير زين الدين هذا عادلٌ ومحبٌ لشعبه، وكيف صدّق بسهولة –بكر- الحاجب اللئيم الوضع، وقرر على الفور بأن -تاج الدين- صديقه  العزيز يعمل من وراءه أموراً لا يرضاها، هل وصل الحال بأميرٍ مثله إلى عقل طفلٍ صغير يُصدق كلّ ما يُروى له ؟!؟!؟أم لأن الرواية يجب أن تكتمل ؟
استغرب كيف يكون أميراً يعتني بأمور شعبه ولا يعتني بأمور أهل بيته، فلم يرقَ قلبه ولم يرجع لنفسه حتى رأي زين على حافة الموت ؟!؟


في الرواية يعاني زين وممو أشقى حالات العذاب روحياً وجسدياً، في سبيل الحبِّ الذي نشأ من رؤيتهما لبعضهما مرّة أو عدة مرات كأقصى تعبير… ويؤدي هذا الشقاء في النهاية إلى الموت، لا أعرف إن كان الحب يُولد هكذا وبكل بساطة من رؤية الجمال ويعشش في الروح ليأكلها لا لينميها ويرفعها .. أعرفُ تماماً أنه ليس بيد أحدهم إيقاف قلبه، لكن ما أزعجني هو توجه الرواية إلى فكرة رئيسية محددة هي تصوير شقاء المحبوبين وليس إظهار الأدوات والسبل التي حاول فيها الجميع إقناع الأمير بالعدول عن رأيه، لماذا لم يفكر أحدهم في سبب رفض الأمير، لماذا توقفت جميع العقول واستسلمت للأمر الواقع فإما بالسلاح أو الموافقة ؟!؟


أزعجني في الرواية أيضاً إظهار الحب وكأنه شيءٌ خارجيٌ لا علاقة له بالحياة الواقعية مترفع عن باقي الأمور، لا أخالف أحدكم بأن الحب هو شيءٌ روحيٌ ينبض في القلب ولا يعرف المرء له سبيل في إخراجه أو إيقافه، لكن يجب أن يدخل العقل دوماً فنحن البشر نتميز بالعقل، لا بالقلب فقط، الحب هو اجتماع أمور ٍ كثيرة منها هفو القلب إلى محبوبه ومنها أيضاً الإعجاب في طريقة التفكير واسلوب الحياة وتوافقهما.


ما أريد قوله هنا أن الكاتب نقل لنا الملحمة كقصةٍ أسطوريةٍ جميلةٍ عذبة ٍرقيقة تدمع لها الأعين ويأسف لها القلب، وهذا جميل ولكن هل هي بالفعل ما نحتاجه في حياتنا ..؟؟ هل عندما نحب أشخاصاً لمجرد رؤيتنا لهم وشعورنا اتجاههم بالعاطفة القوية والحب المجنون يتوقف عقلنا عن التفكير، وهل نموت ونترك الحياة ونهجرها ونلتهي عن أعمالنا و واجباتنا في سبيل هذا الحب؟؟


ماذا لو بقيت الذكرى الجميلة فقط، ماذا لو عرفنا أن الحبّ هو السمو والرقي وكذلك التفكير الواقعي .. ؟!؟!؟


لست من أولئك الأشخاص الماديين الذين لا يؤمنون بالحب، ولكني في نفس الوقت أيقن تماماً أن الحبّ له عدّة مقومات أولها هو المشاعر القوية اتجاه شخصٍ لا نعرف لماذا قد نحبه، وآخرها هو الإيمان بأن الحبّ هي المشاعر الجميلة التي تجعلنا نستمر بالحياة لا نتوقف عنها، ومقومات كثيرة، كلها وإن لم تجتمع لم يكن الحبُ حباً !!!!


الغريب في الموضوع أني كنت قد قرأت هذه الملحمة عندما كنت في صف الثامن أي من سبع سنوات وكنت سعيدةً ومؤمنةً بكل كلمة فيها ولكني عندما أعدت قراءتها الآن تغيّر رأي اتجاه احداثها وبدت لي كما بدأت هذه التدوينة، جوهرةٌ ثمينة من عمل أدبي مبدع في الكلام والنسج ….

بالمناسبة أدعوكم لزيارة مدونة صديقتي سما جوري … 🙂