Archive for يناير, 2009

المبتدأ والخبر – محمد الماغوط

الأربعاء, يناير 28th, 2009

حوار

المبتدأ والخبر :محمد الماغوط ،كتاب سأخون وطني:صـ24
بعد أن أتى الجراد السياسي في الوطن العربي على الحاضر والمستقبل، يبدو أنه الآن قد التفت إلى الماضي، وذلك حتى لا يجد الإنسان العربي ما يسند ظهره إليه في مواجهة الأخطار المحيطة به سوى مسند الكرسي الذي يجلس عليه، بدليل هذا الحنو المفاجيء على لغتنا العربية، وهذه المناحة اليومية في معظم صحف واذاعات المنطقة، على ما أصاب قواعدها من تخريب وما يتعرض له صرفها ونحوها من عبث واستهتار، حتى لم يعد احدنا يعرف كيف يقرأ رسالة أو يدوّن رقم هاتف.
ومع احترامنا لكل حرف في لغتنا، ومع تقديرنا لجميع ظروف الزمان والمكان في كل جملة ومرحلة في الوطن العربي لا بد أن نسأل:
ما الفائدة من الاسم إذا كان صحيحا… والوطن نفسه معتلاً؟
أو اذا كانت هذه الجملة أو تلك مبنية على الضم أو الفتح … والمستوطنات الاسرائيلية مبنية أمام أعيننا على جثث التلاميذ والمدرسين الفلسطينيين.
ثم، لم وجدت اللغة أصلاً في تاريخ أي أمة؟ أليس من أجل الحوار والتفاهم بين أفرادها وجماعاتها؟
فأين مثل هذا الحوار الآن فيما بيننا؟
هل هناك حوار مثلا بين التاجر والزبون؟
بين العامل ورب العمل؟
بين المالك والمستأجر؟
بين الراكب والسائق؟
بين المحقق والمتهم؟
بين الابن والأب؟
أو بين الزوج والزوجة؟
أيضاً لم تعد هناك حاجة لأن تسأل عن أي شيء، أو تجيب على أي شيء. فالأسعار، مثلا في السينما، مكتوبة في كل بطاقة، وفي المستشفى، فوق كل سرير. وفي المطعم، في كل فاتورة، وكل ما حول المواطن العربي أصبح سعره واضحاً ومعروفاً ومكتوباً على جميع جوانبه، من الألبسة والأحذية والفاكهة والخضروات والبيوت والبارات والمزارع والعقارات إلى الرياضيين والمطربين والكتاب والصحفيين. ولم يبق إلا أن يكتب على الشعوب سعرها ومنشؤها ومدى صلاحيتها للاستعمال.
والأهم من كل هذا وذاك: هل هناك حوار بين السلطة والشعب في أي زمان ومكان في هذا الشرق؟
فأي مسؤول انكليزي، مثلاُ، عندما يختلف في الرأي مع أي كان في محاضرة أو مناقشة في بلده يأتي بحجة من شكسبير لاقناع مستمعيه.
والايطالي يأتي بحجة من دانتي.
والفرنسي يأتي بحجة من فولتير.
والألماني يأتي بحجة من نيتشة.
أما أي مسؤول عربي فلو اختلف معه حول عنوان قصيدة لأتاك بدبابة فتفضل وناقشها.
ولذا صار فم الإنسان العربي مجرد قنّ لايواء اللسان والأسنان لا أكثر. وفي مثل هذه الأحوال:
ماذا يفعل حرف الجر المسكين أمام حاملة طائرات مثلاً؟
أو الفتحة والضمة أمام مدفع مرتد يتسع لمجمع لغوي؟
وما دام الحوار الوحيد المسموح به في معظم أرجاء الوطن العربي هو حوار العين والمخرز فلن ترتفع إلا الأسعار.
ولن تنصب إلا المشانق.
ولن تضم إلا الأراضي المحتلة.
ولن تجر إلا الشعوب.
لذلك كلما قرأت أو سمعت هذا أو ذاك من الشعراء والصحافيين أو المذيعين العرب “يجعجع” عن الديموقراطية والعدالة والحرية، وينتصر على الصهيونية ويقضي على التخلف، ويتوعد هذا ويهدد ذاك، وهو جالس في مقهاه، أو وراء مذياعه، لا أتمنى سوى تأميم اللغة العربية من المحيط إلى الخليج وتكويمها في بيدر أو ساحة عامة في قلب الوطن العربي، وتكليف موظف مختص وراء أذنه قلم وأمامه سجل بجميع الكتاب والشعراء والأدباء العرب وينادي عليهم بأسمائهم ويسألهم فرداً فرداً:
– أنت أيها الشاعر التقليدي كم كلمة من أمثال: رماح، رمال، جراح، بطاح، تريد؟ تفضل مع السلامة.
– وأنت أيها الشاعر الحديث، كم كلمة من أمثال: تجاوز، تخطي ابداع، تأنس، تريد؟ تفضل مع السلامة.
– وانت أيها المذيع العصبي، كم كلمة من أمثال: ” في الواقع “، ” في الحقيقة “، و”جدلية” ، و”شمولية”، و” نظرة موضوعية ” و” قفزة نوعية ” ، تريد؟ تفضل مع ألف سلامة.
– وأنت أيها المناضل والمتطرف والمتفرغ لكل محاضرة وندوة ومناسبة، كم كلمة من أمثال: دم، دماء، استعمار، امبريالية، شعوب، “وحدة الشعوب “، ” وحدة المصير “، كوبا، نيكاراغوا، وكم مناقصة فوقها تريد؟ تفضل ومع ألف سلامة.
فقبل احترام اللغة يجب احترام الانسان الذي ينطق بها

امتحان هوائي !

الخميس, يناير 22nd, 2009

EXAMS

قد يبدو لكل شخص ٍ منا وهو يدرس للامتحان بأنه الطالب الوحيد على وجه الكرة الأرضيه الذي يخوض هذه المعركة..

بالنسبة لي مازلت أظن ذلك حتى تردد أمي فوق مسامعي كلما بدأت مشروع “النئ” (( فرح مو أنتي أول وحدة ولا آخر وحدة بتقدمي هالمادة وكتير غيرك نجحوا ..يلا ركدي على الدراسة !! ))

هنا قد أركض مزمجرة ! أو مستهترة ! وأحياناً أجلس في أرضي رافضة، تتغرغر الدمعة في عيني، تأبى النزول وتأبى العودة منتظرةً فرجاً من عند الله  !

أوهم نفسي أحياناً كثيرة أني والامتحان متباريان .. سيتغلب أحدنا على الآخر .. لعلّ هذا التصور جاء من سؤال والدي بعد كل امتحان (( شو فرح سجلت كول- GOAL- ))طبعاً تتراوح الأجوبة بين .. ((اجت بنص عينو .. أو طلعت فاول !)) “رغم أني لا أتابع المباريات سوى الاحتفاظ بتشجيع فرنسا وريال مدريد “

و أوهم نفسي أحياناً أخرى أني والامتحان أصدقاء وأنا وابن عمي على الغريب ألا وهو الدكتور .. الدكتور الغريب، صاحب الأسئلة الغريبة!  في كثير من الأحيان يرفض الامتحان صداقتي ويكون مع الغريب عليّ ..!لا يهم بقدر ما أكون صافية النية وأريد هذه الصداقة وأبذل قصارى جهدي في ساعاتٍ طويلة من الدراسة أسترضيه وأقترب من جانبه!

قد تكون طقوسي غريبة أثناء الامتحان، الشعر المنكوش .. وعلامات التوّحد .. الحب المتوّلد للقهوة والنسكافيه الذي يفاءجهما .. مع ازدياد عيار الهلوسة و الجنون !

وقد تكون طقوس الامتحان نفسه غريبة :

– الأسئلة في جامعة دمشق تأتي ثلاثاً أو أربع وأجوبتها عشراً أو خمسة عشر صفحة وعلى كل ٍ منها ما يقارب الثلاثين أو أربعين علامة

(طيب عنجد شو هاد تحدي يعني … يعني إذا درست كل الكتاب وتركت عشرين صفحة جاء منها سؤال عليه 40 علامة نسبة رسوبي تكون 50% باعتبار أن كتابة الأجوبة الباقية قد لا تكون بصماً! )

– الأسئلة المؤتمتة في جميع الفروع تأتي وكأنها حزورة وأربح معنا ليرة .. أو تتمة للفراغ “المدحوش في زاوية صفحة ما” .. وقد يأتي أكثر من جواب صحيح .. ويضيع الطالب بين الألف والباء حتى يظن نفسه بأنه قد نسي اللغة !!

– ورقة الأتمتة حمراء جميلة، تقول اقترب مني ودحرج القلم .. وليصيبك القليل من الاحولال الأحمر .. بسيطة !

– علامة حلقة البحث 19 يا فرحة قلبي !! تأتي علامة النظري 30 !! طيب علامة واحدة فقط لا طلبنا دولار ولا يورو ؟! راحت المادة إلى الفصل القادم .. حظاً أوفر صديقي الممتحن

– 7 مواد في فصل واحد .. المحاضرات تهبط من السماء قبل عطلة الدراسة بأسبوع .. لحقوا معلش خليكم كول ولا تناموا !

– مادتين لا يوجد بينهما فراغ سوى نصف يوم .. مراجعة ويادوب تلحق !

– درست أكثر .. كتبت أحسن .. رسبت ونجح الآخرون ..نسيت أن أحضر متر للقياس كم شبر كتبت.. غلطتي ما حدا ألو ذنب !

والكثير الكثير .. تستطيعون أن تتحدثوا عنه ما شأتم وتفشوا قلبكم !

يا جامعة دمشق الحبيبة … لماذا تتبعين هذا الأسلوب في المناهج؟؟ في جميع جامعات العالم يا عزيزتي .. يقوم الطالب بطلب عدّة مواد حسب مقدرته .. وتخيلوا أنهم يخافون على مقدرته ولا يسمحوا له بأن يطلب أكثر من 5 مواد  !!

جبابرة سوريا يحملون أكثر من 10 مواد في الفصل !

المقرر هو المقرر لماذا لا تعطونا إياه في البداية .. أو لماذا لا تعطون المحاضرات من قلوبكم ..تتحجون بأن الطلاب لا يأتون للدراسة ! كيف وصلوا للجامعة إذاً .. حاولوا مجرد محاولة أن تخرجوا من وسائل الإعطاء المملة .. حاولوا أن تشاركونا .. وعندها فقط قرروا إن كنا جئنا للدراسة أم للعب والضحك عليكم ؟!

المعادلة 1+1= 2 … أسئلة + أجوبة صحيحة = نجاح

المعادلة المعدلة اعتباطياً 1+ 1= 0 … أسئلة + مزاج+ بصموأجوبه شبه كاملة + ترتيب جميل+خط رائع+ ؟؟؟؟ = نجاااح

سأتوقف هنا .. كانت هلوسة بعد ست ساعات من طحن الأحجار.. عفواً أقصد الدراسة !! ::20::

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الهامش: قمت بإنشاء صفحة جديدة للعروض التقديمية .. هنا ::25::