Archive for the ‘أضواءك يا دمشق’ Category

قيد وعُقد …

الخميس, أبريل 8th, 2010

تعرف تماما ً ما الذي يجعله غاضبا ً وما الذي يسعده ولا تفعل من ذلك شيئ , على العكس ! تحاول استفزازه في كل دقيقةٍ تمر بهما معا ً ،هو لا يعرف عنها شيئا ً إلا أنها قدرٌ قد فرض عليه، لأنه ذات مرة أخطأ معها!

لم أكن يوماً لأعامله بهذه القسوة لولا إهماله وبغضه لي، كان يهمز من وراء ظهري متقززاً من تصرفاتي ولا سبب لذلك!

= لهذا قتلته؟

– قررت أن أنتقم منه بشتى الطرق وأشدها إيلاماً وتعذيباً ..، أعرف .. أعرف .. أنا مجرد سبق صحفي,لا..، لا تعتقدي ذلك يا عزيزتي أنت ِ لم ولن تفهمينني ولماذا فعلت بك ِ ما فعلتْ.

= بماذا علمتِ قبل زواجك ِ؟

– مهنتك ِذاتها .. كنت أسابق الريح وأنشر اسمي يوماً بعد يوم!!  لا تخافي  لا أغير منك ..  لن أقوم بشيء.

أرادت إخافتي أو الانهاء عليّ، أبعدت جميع هذه الأفكار نظرت إليها، بينما استمرت بتدوير خاتمها يمنة ويسرة، سألتني!

–  متزوجة ٌ أنت ِ؟

= لا

– لماذا؟

= لديك ِ عريس، أم أنك اشتقت للصحافة !!

– لماذا؟

= جنى عليّ أبي وما جنيت على أحد!!

-فلسفة..

= لا..مجرد فكرة،  لماذا قتلته؟

– لأنه أحمق، قلت لك الأسباب، إعادة السؤال لن ترجعه ليجيبك هو!

= غريب أنك لم تنس ِ إلى الآن؟

– بماذا جنى عليك ِ والدك ِ؟

= إنها فكرة وفقط، لا تجعليها محوراً الحديث.

– تكرهينه؟

= لا أعرفه ..

–  وأمك

= لا أعرفها.. يقال أنها كانت ساقطة!

–  أغبياء، أغبياء .. لست ساقطة ، لم أبرح مكاني يومها.. أنا .. أنا يا طفلتي .. أحببتك  وأرضعتك ولكن .. أخذوك مني! أخذوك مني!

بدا ما قالته هذياناً مضحكاً بالنسبة لي، أمي في السجن قتلت أبي، أبي وأمي لم يحببا بعضهما.. في لحظة ذهولي دخل الحارس ليهدأ ثورة غضبها ويجرها بكرسيها المتحرك ..

تعودتُ على الحلقات المفقودة، لم يكن ذلك ليأرقني، استقبلتُ النوم في غرفتي المهجورة، رافقتني كوابيسي كما كل ليلة، لتحققَ واحداً منها ويقتحمَ عليّ أحمقٌ غرفتي، ليفعل كما فعل أبي ويجني على أحدهم، واجني عليه بقتله.

بقيد ٍ حديد في سجن جديد، انتظر اليوم صحفية ً لها عُقدي ذاتها.

حبل غسيل ..

الأحد, نوفمبر 29th, 2009

clothesline-smallكانت تتأمل حبل الغسيل وكأنه قطعة ٌ فنية ٌ أبدعها أحدُهم، اقتربت منه أكثر وبدأت تتلمسه بهدوء، تحدق النظر بأطرافه.. جميع الجيران يتحدثون عنها يومياً، إنها إمرأة الحبل..! الأطفال يتراشقون الضحك عليها أثناء مرورها في الشارع، لمجرد أنها تعشق حبل الغسيل لم يكن أحدهم ليستوعب أن في حبل الغسيل أسطورةٌ مخبأة… كتبتْ يوماً له :

عزيزي حبل الغسيل..

كيف حالك والطقس؟ أأنت بخير..؟ أرجو أن لا يكون البرد مزعجاً..  يبدو أن تعلقي بك أصبح إثماً أُعاقب عليه، لم أعرف أن تأمل حبل الغسيل حرام! هل هو كذلك شرعاً؟ لا أعرف .. دعنا من ذلك الآن..

منذ أول يوم وِلدتُ تعلق أمر انفصالي عن أمي بحبل..!لم أرد ذلك، فعلوه غصباً عني ومن غير أن أشعر “كما يدعون”، يومها بكيت كثيراً، أيقنت لحظتها أن العالم مزعج وكئيب ويهوى تقطيع الحبال!

كبرتُ قليلاً لأرى أنك لعبة ٌ مسلية ٌ للأطفال، أيعقل ! يشدونك من طرفين حتى تكاد تتمزق ويصر أحدهم على الفوز فتضطر أن تُوقع  أطفال الطرف الآخر، رغم أنك كل يوم تحمل ملابسهم وتعرضها للشمس حتى تجف، لكنك لم تحتمل أن يشدوك بهذه الطريقة- لك الحق- ! ،ابنة جارتنا كان تمسكك من أذنيك وتبدأ العد والقفز، مرات كثيرة أوقعتها فقامت برميك! لم تعرف يوماً التعامل بلطف..

أذكر في أحد الأيام كيف كنت َوسيلة ً لجر سيارة أبي، ربطوها بك كما كنتُ تماماً يوم ولدت وسحبوها لمكان ٍما، رموك جانباً وكالعادة نسوا أهميتك وفائدتك… أعرف أنك كما علقتها بك، تستطيع أن ترفع خيمة وتسكن عائلةً كاملة، وكيف تشنق جيشاً بأسره، وقواداً برؤوس ٍ أعيت شعوبها، وأعرف كم من السهل عليك أن توصل أناساً للقمم تركبهم نفسك لنهاية الطريق القابع في رؤوسهم، أيقن تماماً كم أنك قادرٌ على فصل بلدين ووصل حبيبن وتطويق العالم أجمع في طرفين ..

أصارحك.. أثناء نشر الغسيل كنت أكره الملاقط وهي تعضك، أحاول بأسرع وقت أن أبعدها عنك لكني استنتجت بعد ذلك أنكما على وفاق ٍ تام ولا يزعجك التصاقها بك.. ! وأقول لك كذلك أن أمي كانت تحمل همومها والغسيل وتضعها عليك أيضاً.. كان بإمكانك أن تتحمل كل شيء من غير تذمر .. !

في النهاية .. كبرت وكَبرَ معي حلم النشر،نشر همومي  ونشر أوراقي .. بدأت أتمنى لو أن الآخرين يقرأوون ما أكتب.. حاولت كثيراً أن أنشرها، لكني أيقنت بعد ذلك أنك وسيلة النشر الوحيدة التي لا تملك سياسة ً للكتابة  ولا خطوطاً حمراء، وبدأت بهواية ٍ جديدة كل صباح بوضع الأوراق عليك وجعلها سعيدة لأنك كنت وما زلت وستبقى ملاذها الأخير، بعد ان تفلت نفسها منك  وتطير لتقع بيد ِ أحدهم ويعرف أنّ هناك روحاً مستيقظةً في الجانب الآخر من الحبل تفكر…!