زيارة لدير مار موسى الحبشي

ديار مار موسى الحبشي

ذهبت في رحلة يوم الجمعة مع مشروع تعليم الصم إلى دير مار موسى الحبشي ..أتمنى أن تستمتعوا بالقراءة 🙂

دير مار موسى الحبشي:
يقع دير مار موسى الحبشي في واد وعر من وديان سلسلة جبال القلمون يرتفع بمقدار / 1320/ م عن سطح البحر، وهو دير سرياني قديم يبعد مسافة ثمانين كيلو متر عن دمشق باتجاه الشمال و يبعد عن مدينة النبك حوالي/ 15/ كيلو متر باتجاه الشرق عن طريق العرقوب.

تاريخه و تسميته:
سبب تسميته باسم مار موسى الحبشي أن القديس (الولي) موسى كان ابناً لملك من ملوك الحبشة ترك بلاده باحثاً عن ملكوت الله فهاجر إلى مصر وزار الأماكن المقدسة في فلسطين ثم ترهب في دير مار يعقوب بالقرب من بلدة قارة شمالي النبك إلا أنه رغب بعد ذلك  بالمزيد من التوحيد فأتى إلى وادي الدير و أقام في إحدى المغارات متنسكاً و في أثناء النزاعات المذهبية بين مسيحيي ذلك العهد استشهد الراهب موسى على يد جنود الإمبراطور وتدل الكتابات العربية على جدران الدير أن بناء الكنيسة الحالية يعود إلى سنة/ 1058/ للميلاد.
مصدر الصورة و المزيد من الصور
هنا

من دون أجنحة .. أطير ..
عبثاً أحاول أن أردّ نفسي لصورة سماءٍ تبتسم للصاعدين، عبثاً أحاول أن أجرّد نفسي من الأرض التي أمشي عليها يوماً بعد يوم، كل حجرٍ هناك يحكي قصة رجل ٍ تحدى نفسه ليصلّ إلى أجنحة العصافير هدوءاً، وكل طير ٍ في قمةٍ يروي زيارة ً لروح ٍ استنشقت الصفاء ألفّ مرّة وزفرت مرّةً أو أقل…
كلما صعدتُ درجة أُلقيت في نفسي فكرةٌ عمن عبّدَ هذه وبنى تلك، عمن مرّ من هنا أو ركض جنوناً مسابقاً عينيه في الفضا، فكرت في أهدافنا كم تبدو بعيدةً وكم تلتصقُ برغبة التحدي مع أولِّ الخطواتِ تتالى طموحاً للوصول، رأيت كيف يوُلد عرقٌ أخضر من مفاصل صخرٍ وينبض ليعيش، وآخر يتأقلم ليستمر، وكل منهما يهديك باقة أمل….
وقفت في الوسط، وقفت كثيراً، أقارب بين خيارين،  ثلاث، و لربما كانت أربع .. صعوداً، نزولاً، أن تقف فقط أو ترمي نفسك .. ولربما كانت نتيحة معركتنا في الحياة أشبه باتخاذ قراراتٍ كهذه.
في القمةِ هناك تعانقُ الغيمة، تصافحُ الجبل، و تَطبعُ النسائمُ على وجهك قبلةً ما عرفتها يوماً، تُسمعك الحمامات لحناً من رقصة التراب ِوالحجر، وتدعوك السّماء لترسمَ في قلبِّ قلبك فطرة التأمل ِ تسبيحاً..
نزلت من القمة ِهبوطاً، أخلقُ بيني وبيني عهداً على الاحتفاظ باللحظة وضم ِ الهدوء التحاماً في الذاكرة.

الرحلة مع المشروع:
أن تكون مع الصم في هذه الرحلة يعني أن تكتشف الكثير من الأفكار في رؤوسهم التي أزداد حباً لبراءتها وبساطتها يوماً بعد يوم.
منال سألتني لماذا نصعد إلى هناك ! أجبتها بأنه قديم وأثري وهي رياضه وسنرى المنظر من الأعلى؟ سألتني هل سيكون جميلاً.. اجبتها بأنها المرة الأولى التي أصعد فيها وأظن بأنه سيكون كذلك .. لم أرد أن أقرر بأنه سيكون جميل رغم تحمسي وشوقي الشديد لرؤية المنظر من الأعلى.
جميعهن صعدن… تلك الفطرة التي خلقت فينا أن نتحدى، نتشارك ونضحك .. خلال الطريق كن يتوقفن يلتقطن الكثير من الصور سعداء مبتسمات..
عندما وصلنا للدير كانت الاطلالة على الجانب الآخر لدرج طويل جداً يُوصل إلى غرف المنامة للنساء”الراهبات”، بشر “فتاة صماء” كانت تضحك وتقول بأنه يجب عليّ أن أحملها لكي نصل إلى هناك ووافقت على ذلك .. بعد قليل من هذا قررت بأنها تستطيع الطيران وليست بحاجة لأن يحملها أحد، وكذلك أخوها علي “مدير المشروع” يستطيع الطيران لكنها بالتأكيد أفضل منه فقد قامت بتعليمه .. طلبت منها أن تعلمني .. فأخذت تقول بأنه من الصعب علي وبأني سأقع كل مرّة.. واليوم ليس وقت ذلك .. سارعت باجابتها بأني سأقوم بقطع جناحيها إن لم تعلمني فقالت بأنهما سينموان من جديد .. وأضافت بأنها تمزح بالتأكيد ..! جميع الصم لديهم تلك الروح الفكاهية واللطيفة روح البراءة في ضحكاتهم واصرارهم على إيصال الفكرة.
دخلنا الى متحف الدير، رأينا جرة ماء أو عدّة جرّات مكسورة، فأخذت سعاد تقول لي كيف كانوا في ما مضى يحملون الماء ويصعدون وإذا ما كسرت الجرّة يبدأون بالبكاء لأن عليهم تعبئتها من جديد وكيف أننا في زماننا هذا نفتح الصنبور لنشرب منه حتى أننا نهدر الكثير من الماء وهذا الأمر خاطئ جداً.
بعد الانتهاء من زيارة الدير ذهبنا الى منتزه في النبك، لعبنا وضحكنا جداً، ولربما كنت سأموت غرقاً بعد “تحطط” سعاد وبشر عليّ لرمي في البحرة ومساندة الجميع لهم تحت شعار “نحن في خدمة الصم ” ::13:: لا أروي هذا الأمر لأستجر تعاطف أحد .. فأنا وبشر وصلنا إلى مصالحة بعد صعودنا إلى الباص في العودة أنها ستعاملني بلطف وتعطف عليّ ولن ترميني في البحرة !! في الواقع كنت سعيدة جداً ولم أجد أي حرج في التعامل مع أيّ منهن حتى أن لغتي الاشاريّة تطورت، أضف إلى ذلك يقيني التام باستمرار المشروع وتقدمه بجميع القلوب الناضجة بالأمل …

صور من كاميرتي المتواضعة ::16::



Tags: ,

17 Responses to “زيارة لدير مار موسى الحبشي”

  1. حسام الاخرس Says:

    معلومات مفيدة عن الدير ورحلة اجمل اتمنى انكم استمتعتم شكرا لانك اصطحبتنا معك من خلال تدوينك الجميلة ::12::

  2. rana Says:

    فرح
    رائعة هذه التدوينة وقلمك أصبحَ أجمــل ..
    موضوع العامل مع الصم أمر غريب جدّاً جدّاً لأن هناك صعوبة في التعبير عن المشاعر
    ولا شك أن يكونوا أكثر براءة من أولئك الأشرار لأنهم شبه معزولين عن ذلك العالم وأقرب لعالم التعلّم الصحيح ..

    تحية فرح لكِ و لجرأتك في الدخول إلى مشروع تعليم الصم و إلى كل الفريق ..

  3. أنس Says:

    الصور جميلة جداً …

    والوصف رائع …
    عم تطولي كثير علينا فرح … خير إن شاء الله؟ …

    أؤكد على كلام رنا بأن قلمك أصبح أجمل

  4. lamis Says:

    كتير انبسطت بالرحلة حسيت حالي رحت معك بس أحلى شي لما كانوا رح يرموك بالبحرة لو كنت معك كنتي فكرتي ترميني أنا مو، شكراً عالمعلومات المفيدة والصور حلوين وفعلاً ما طولي علينا هالغيابات مو عاجبتني ها

  5. U : 92 Says:

    اتفقت مع مجموعة من الأصدقاء على زيارته، هل هو مفتوح للعوام؟

    تدوينة جميلة، كشفنت عن جوانب نثرية جميلة لديك.
    تحياتي

  6. FaRaH Says:

    حسام الأخرس ..

    شكراً لوجودك . انبسطت فيه ..

    .. .. ..

    رنوشة..
    بشكل عام مشاعرنا البسطة عي حركات واضحة على تعابير الوجع مثل حزين غاضب مبتسم … وهي ذاتها لا تغير عليها ..
    والصم لديهم احساس عالي بكل شيء وعندما تصبحين في خلطة معهم تفهمين مشاعرهم أكثر وأكثر ..
    رنا التطوع بالمشروع مفتوح للجميع .. فأهلاً بك 🙂

    وجودك الرائع صديقتي

    .. .. ..

    أنس ..

    والله يا صديقي مافي شي .. مشاغل عادية والقلم يشعر بغصة في هذه الفترة لا أعرف لماذا 🙂

    شكراً لوجودك .. سعيدة به جداً 🙂

    .. .. ..

    لميس ..

    له له الله يسامحك والله ما بهون علي فيك ولوووو .. اهلين لموسة ::25::

    .. .. ..

    uramium

    نعم مفتوح للعوام

    حتى أنهم يقولون بأنه من الممكن أن تنام هناك في حال قمت بأي من الأعمال “جلي تنظيف .. ”
    مع التحفظ على أنهم تبشيرين

    أهلاً بك رامي ..:)

    كونوا بخير جميعاً .. ::2::

  7. محمد max13 Says:

    معلومات جميلة وشيقة شكرا لك فرح ::2::

  8. mohammad-online Says:

    مرحبا فرح ..

    بالفعل الذهاب الى هذا الدير أمر ممتع

    خلال عملي في أريبا ذهبنا إلى هذا الدير و صعدنا على السلالم الطويلة حتى وصلنا إليه و أذكر أننا استرحنا كثيرا لصعوبة الصعود على هذه السلالم ..

    الدير منظره رائع و إطلالته أروع ، و كان استقبالهم لنا فيه الكثير من الكرم و الطيبة و اعتذروا منا لانهم غير راغبين بتغطية المنطقة بشبكة الخليوي لانهم يريدون الإبتعاد عن كل ما يلهي تعبدهم و تفكرهم.

    هل لاحظتي وجود لوحة في الكنسية داخل الدير مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟

    بالفعل دهشت لوجود هذه اللوحة هناك.

    شكرا لتذكيري بتلك الزيارة الجميلة للدير و الشكر الاكبر لجمال وصفك للرحلة.

  9. FaRaH Says:

    محمدmax13

    اهلاً بك محمد .. شكراً لك .. انبسطت بمرورك .. 🙂

    .. .. ..

    mohammad-online

    اهلا وسهلا محمد .. 🙂

    صحيح السلالم طويلة جداً .. لكن صعودها ممتع لدرجة كبيرة ..

    أكثر شيء عجبني أنه لا يوجد تغطية .. لكن في ذات اللحظة أزعج أمي !!:(

    نعم لاحظت ذلك وقال أنه امرأة مسيحية أهدتهم إياها وكذلك يوجد الآن لوحة مكتوب عليها بسم الله الرحمن الرحيم !

    في زمن ماضي أيام موسى الحبشي كانت هذه الدار دار توحيد بالفعل بغض النظر عن ما يفكرون الآن ..

    شكراً لوجودك محمد .. كون بخير ..

    مدونتك لا تفتح معي منذ فترة.. أرجو أن يكون السبب من الشركة وليس أمر آخر !!

  10. mohammad-online Says:

    السبب من شركة الإستضافة، ينقلون مخدماتهم إلى مخدم جديد و سريع، لكن المشكلة حلّت الآن.

    شكرا لسؤالك.

    دمتي بخير

  11. FaRaH Says:

    صح أمونتي… تغير فيني شي كتير ..
    كأنك ملاحظة يعني ؟!؟

  12. محمد علي شيخ اكريم Says:

    نفخر بفرح الميداني كمتطوعة لدينا في مشروع تعليم الصم.

    ::4::

  13. علياء الطباع Says:

    الجميل يافرح أنك لم تؤسري بالمنظر مع أنك أول مرة تصعدين لهذا الدير الهام فهو يعكس حقيقة سوريا الشام من المحبة و الإخاء و الاحتضان لكل أطياف البشر،
    لكن الأروع أنك لم تتخلي عن المهمة الأولى التي ذهبت من أجلها في هذه الرحلة وهم أصقاؤنا الصم، فالعديد من الناس في الأعمال الطوعية المختلفة قد ينسون الهدف الأساسي الذي أتوا من أجله و يغرقون في تدليل أنفسهم و البحث عن التسلية فقط فهم شباب و أنت شابة -الله يحميك- لكنك تناسيت نفسك و جمعتها معهم ، و هم بالأخير أسعدوك ، جميل ما كتبته يا فرح و الله إنك فرح ،
    بالمناسبة هالصورة رائعة كيف التقطيها يا عفريتة لا تقوليلي بجناحات بشر . <3 <3 <3 :22: :22: :22: ((f))

  14. majjood Says:

    كيفك فرح
    لا تآخذيني عم دور بالأوراق القديمة

    بس أول مرة بشوف هالتدوينة

    رحلة جميلة مع فريق مميز ، والله شي بفرح القلب
    بالتوفيق دائماً
    (حلوين الصور)

  15. mira Says:

    شكرا لكتابتك اللطيفة
    اود ان أسألك شيئا..
    افكر برحلة تصوفية و توحد عميق بعيدا عن ضجيج الكون لفترة ما قد تدوم شهر اواكثر

    اتظن ان دير مار موسى المكان المناسب لذلك وانا مستعدة للقيام باعمال هناك من اي ما تطلب الامر…اعلمني بما تعرف
    شكرا لك

    ( لست من الديانة المسيحية .لكنني حقا ارغب بعزلة تتركني مع روح المطلق و تواضع الكون و سعته)

  16. فـرح Says:

    شكراً علياء .. مصدر الصورة موجود في التدوينة ..

    مجود .. اهلا وسهلا . .انبسطت بمرورك .. ولا تواخزني تأخرت بالرد عليك .. هذا الفريق ما زال موجوداً إن وددت الانضمام 🙂

    ميرا .. شكراً لمرورك ..
    سمعت عن الكثيرين من “الشباب” ذهبوا وامضوا وقتاً طويلاً هناك وكانوا سعداء بالجو .. وبالفعل يطلبون منهم القيام بأعمال كالجلي والتنظيف .. كأجرة لجلوسهم ..
    لا أعرف ما هو الوضع بالنسبة “للفيتات” وأرغب كذلك بالذهاب والجلوس هناك لفترة إن كان ذلك مناسباً !!
    اعذريني لعدم اعطاءك جواباً دقيقاً لكني لا أملك معلومات كافية ..

Leave a Reply