رجعت الشتوية 2

عاد الشتاء، عاد هو، عاد يجلس على درج، يمدّ يده المرتجفة، يردد (الله ينجحكم)، عاد ومعه رداءه القديم، أتساءل بيني وبين نفسي هل يغيره أم أنه ذاته في جميع الفصول!

عاد الشتاء، عادت هي، تجلس على طريق، أيّ طريق لايُهم، هو نفسه الذي تمر عليه الأقدام كل يوم، تسند رأسها وتنتظر قدماً بل تنتظر ليرة، عادت ومعها ورقة طبيه، هي ذاتها ورقة الشتاء الماضي، المهم أنها تدعم جلوسها هنا بوثيقة.

عاد الشتاء، المرأة ذاتها إلا أنّها كبرت تعباً، أظن أن الولد سيحب الركض بعيداً عنها هذه السنة، لكن ليس بعيداً عن مهنتها، عادت لتقول:أشتروا مني وإن لم تكونوا بحاجة، لم أكن هنا لولا الحاجة.

عاد الشتاء، لم يعد للمدرسة، بل إلى اللامكان، حيث لا يقبله أحد، لا ميتم ولا مركز، ولا حتى والديه إن لم يبع بضاعته، عاد للشوراع، للطرقات، لنظرات الاشمئزاز التي طالما كرهها.

عاد الشتاء، سترتدي هذا المعطف، عفواً الرداء، عفواً أخطأت إنه مجرد “كيس نايلون”، تقول بأنه يحميها من المطر لا شيئ يحميها مثله حتى أولادها، ستكون هذه المدفأة هي الوحيدة التي تبعث الدفأ، قالت لي أن الصورة جميلة، لم تعتقد يوماً أن ترى صورتها في هذه السرعة، شكرتني بل شكرتها، مضيت وفي قلبي غصةٌ ودمعة.

عاد الشتاء، عادت الأسقف للبكاء، عادت البيوت العشوائية لتمسح دموعها مع كل إشراقة شمس.

أعرف أن الأشخاص في الأعلى هم متسولون، ويُفضل أن لا نعطيهم شيئاً، لكن يبقى السؤال  ألا يوجد أحد يهتم بهم، يمنعهم من التسول، يعطيهم دفئاً روحياً قبل أن يكون مادياً، ما الذي دفعهم للخروج والتسول أيام البرد والريح والمطر هل هي الحاجة أم الطمع بالمزيد؟ متى ستنتهي هذه الظاهرة؟ ولماذا تكثر في الشتاء؟ ربما سيكون وجودهم أكثر تأثيراً في المارّة!!

أقلّ ما نستطيع فعله هو أن نعطيهم عنوان لجمعية، علّ وعسى تقيهم خروجهم هذا !

ما أريد قوله أننا نحب الشتاء ونطلب الدفأ ونحصل عليه متى أردنا لكن يوجد كثيرون يحتاجون إليه ولا يجدونه..


Tags:

16 Responses to “رجعت الشتوية 2”

  1. rana Says:

    الصور مؤلمــة , الواقع بحدّ ذاته صعب , التسول ظاهرة لا يمكن محيهـــا , موجودة في كل مكان و زمان ,
    بصراحة أحياناً بشفق عليون , وأحيان تانية بقول ما يلاقو شي يعملو ,
    اقتراحك كتير حلو بخصوص الجمعيات ..
    إن كانوا بحاجة فحتماً زيارتون للجمعية رح تفيد ,
    شفت تقرير عن جمعية حفظ النعمة بالفعل كتير ظريفة حطو تقرير عنها بالتلفزيون

    الأقربون أولى بالمعروف , يعني الواحد بيعمل واجبو بيساعد يلي حوليه .. بيحـــاول ..

    بصراحة الموضوع بدو وقفة ,, وقفة طويلة كتير .. الطرح رائع فرح

  2. عونيــ Says:

    رائع يا فرح عملك الصحفي هذا، رغم الألم المختبئ وراء الصور. يجب أن تمنع الدول هذه المظاهر و تنشر في المجتمع ثقافة “العزة” و تذم ثقافة التسول. المشكلة أن كثير من هؤلاء يتسولون و بدنهم يقوى على جليد يقصّ الحديد. هؤلاء بحاجة إلى مأوى ثقافي.

  3. أحمد نذير بكداش Says:

    يا ريته ما عاد 🙁
    روعة يا فروحة كعادتك

  4. Okbah Says:

    السؤال -وعذرا على الألم الذي أخرجه- هل يوجد م يطالب بحقوق هؤلاء ويخرج ليتظاهر لهم؟؟؟

  5. إنسان Says:

    مؤلمة الصور , كشفت عورة الشتاء … بفضح لا منتهي !!!!

    بخصوص الاقتراح , التعميم خاطئ , بعضهم يقفون ويتسولون … لكسل من مهنة أو لأهداف أخرى …
    وبعضهم يستحق … أن يؤخذ بيده …

    اقترح أمراً أفضل …

    أن تكون هناك جمعية تسعى لتأهيلهم بشكل عملي … بأن تعلمهم حرفة يقتاتون منها …
    في أحسن الحالات الجمعية تقدم مأوى + لباس … مع الحرفة كفينا يده عن الامتداد للغير …

    رأي في النهاية لا أكثر …

    أوجعتي قلبي منذ الصباح 🙁

    يسعد صباحك فرح …

    أنس

  6. مستر بلوند Says:

    فرح .. بداية بهنيكي عالروح الإنسانية العالية الموجودة بقلبك .. كثير بتناسبك الأعمال الخيرية والنشاطات الإجتماعية على فكرة 😉

    ظاهرة التسول موجودة بكل العالم .. والذين يتسولون طمعاً أكثر يكثير ممن يتسولون لفاقة وحاجة .. وهذا ما يدفعنا إلى عدم تصديق الكثير من هؤلاء .. أعتقد أن المحتاج الحقيقي هو المتعفف عن سؤال الناس بحيث لا نعلم حقيقة حياته الفقيرة .. الذي يموت ويحيى من دون أن يذل نفسه للعباد ..

    هل هناك حل لهذه الظاهرة .. قد نجد في كلام الإمام علي (رض) ما يرضينا ربما :
    ” لو كان الفقر رجلاً .. لقتلته “

  7. mohammad online Says:

    مرحبا فرح ..

    الفقراء و المساكين يفضلون الصيف، لأن الشتاء يعني زيادة في مصاريف الكهرباء و المازوت و الألبسة غالية الثمن.

    كان الله في عونهم، حتى الشتاء اصبح ملك للأغنياء ..

  8. محمد max13 Says:

    أعرف أن الأشخاص في الأعلى هم متسولون، ويُفضل أن لا نعطيهم شيئاً،
    أتسآل دوما من هو صاحب هذي النظرية
    أنا هنا لن أتحدث عن نفسي ولكن عن شعبي كله وهو شعب مقتدر بالغالب وفيه من الإمكانيات المالية الكم الكافي لإلغاء هكذا حالة في المجتمع أتعجب كيف لشخص أن ينام هنيئا وغيره عار في الشارع لا يجد ملجأ أو مأوى
    شكرا لك فرح ولطرحك الموضوع والله اساعد قدر امكانيتي وما زلت اشعر بأني مقصر

  9. Ahmed magdy ramdan Says:

    حاجة صعبة
    وبلد صعبة
    وحياه صعبة

  10. fatosha Says:

    هلأ تيتة دايماً بتقلي .. يا تيتية تذكري ” وأما السائل فلا تنهر”

    رغم أنو بحس أنو إذا بعطيه معناته أنا عم شجعه!!

    حبيت فكرة أنس كتير بتأهيل هؤلاء، اتباعاً لمبدأ لا تعطيني سمكة، علمني أن أصطادها!!

    بس هو وين المشكلة أنو هدول بيشحدوا كمهنة بحد ذاتها، وليس لفاقة..

    وجدو بيحكيلي أنو في زلمة (شحاد) عندهم بالسوق، عنده بنايات بنايات، وبيشحد!

    وبيستغرب كيف أنو ما بيشوفه حدا إلا بيعطيه !!

  11. هدى Says:

    شكراً فرح لطرح الموضوع ..فعلاً موضوع مهم وقد طرحته بطريقة فنية ..ودعوتنا لنقف وقفة طويلة ..
    عقبة أعجبتني فكرة المظاهرة …لماذا لا توجد دراسة إحصائية عن أوضاعهم و أعدادهم ومستواهم الاجتماعي وسبب تسولهم …

  12. m-alhamwi Says:

    فرح شكرا كتييير كتيييير على الموضوع يعني من جد الصور بغاية الروعة والتعليق على الصور اروع واروع بس بعتقد انو هل الصور بقعة صغيرة من الشام ومن الناس يلي عايشين بهل الشكل لأن لسه في كتييير ناس لسه ما حدا عرف كيف عايشين هاد اذا ما انتسوا كمان
    شكرا فرح وشكرا لجهودك الانسانية

  13. lamis Says:

    دوماً للأمل مكان سيأتي اليوم الذي نمنع فيه الأطفال من العمل حتى يبلغوا ال18 جاي عبالي أصدر هالقانون وعاقب كل حدا بيطالع طفل من المدرسة والطفل يلي أحوالوا صعبة المدرسة بتتعاون مع الجمعيات ويصيروا يقدموا للطفل حاجاتو ومتطلباتو فعلاً خطوات بسيطة بس بدا تعاون كتير ومنا كلياتنا هو فعلاً واقع صعب بس الله معانا وإلا ماتنحل الشتوية حلوة 1 و2 و3 لآخر الشتا أنا معك

  14. YahooBot Says:

    Nice site, thanks for information!

  15. majjood Says:

    سنة ورا سنة ، والمعاناة هي نفسها ..إذا لم نقل أنها تزداد.
    ويبقى الحل أمنية لا وجود لها إلا في القلوب الدافئة.
    فرح ..قلبتي علينا المواجع 🙁

  16. Blog Maroc Says:

    موضوع مفيد شكرا

Leave a Reply